📁 آخر الأخبار

حديقة جيوبارك مكون: نموذج للتنوع الطبيعي والثقافي والتنمية المستدامة في المغرب.

 يُعدُّ المنتزه الجيولوجي "جيوبارك مكون" في المغرب علامة مميزة في قائمة المناطق الطبيعية العالمية المصنفة ضمن الشبكة العالمية للحدائق الجيولوجية التابعة لليونسكو منذ عام 2014. ويمتد هذا المنتزه في قلب الأطلس الكبير على مساحة شاسعة تشمل أجزاء من إقليمي أزيلال وتنغير وبعض المناطق المحيطة. و يتميز هذا الموقع بتنوعه البيئي والجغرافي والتراثي، مما يجعله وجهة مثالية للباحثين في الجيولوجيا والسياح على حد سواء. 

تسلط هذه المقالة الضوء على أهمية حديقة "جيوبارك مكون"، أبعادها العلمية والثقافية، ودورها في تعزيز التنمية المستدامة بالمنطقة.


بصمات الديناصورات في إملشيل
صورة لهيكل حقيقي لديناصور العملاق الأطلسي

 

1) التنوع الجيولوجي الفريد:

 الديناصورات التي تشكل شهادة حية على التاريخ الجيولوجي للأرض

تحتضن حديقة جيوبارك مكون تكوينات جيولوجية تعود إلى آلاف السنين، تشمل الصخور الرسوبية والكهوف العميقة والأخاديد الشاهقة. تحتوي الحديقة على حفريات نادرة تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، مثل آثار الديناصورات التي تشكل شهادة حية على التاريخ الجيولوجي للأرض. و يُعد هذا التنوع موردًا علميًا استثنائيًا، حيث يجذب الباحثين والطلاب المهتمين بدراسة تاريخ الأرض وتطور الحياة.

2 ) التراث الثقافي والطبيعي:

يتميز المنتزه بمزيج من العناصر الطبيعية والثقافية التي تعكس التنوع الغني في المغرب. يضم العديد من القرى الأمازيغية التقليدية التي تُبرز التراث الثقافي العريق للمنطقة، بما في ذلك الهندسة المعمارية الفريدة والنقوش الصخرية. بالإضافة إلى ذلك، تُعتبر شلالات أوزود ووادي مكون من أبرز المعالم الطبيعية التي تجذب الزوار الباحثين عن الاسترخاء والمغامرة.


3 ) المتحف الطبيعي لجيوبارك مكون، بوابة إلى الماضي:

لمعرفة عنوان متحف جيوبارك مكون: إضغط هنا

يمثل المتحف الطبيعي في إقليم أزيلال إحدى أبرز وجهات جيوبارك مكون، حيث يحتوي على قطع أثرية نادرة تقدم رؤية شاملة للتاريخ الجيولوجي القديم للمغرب.

يُعد الهيكل العظمي الكامل لديناصور الأطلس العملاق أبرز معروضات المتحف، حيث يبلغ طوله 17 مترًا، وارتفاعه 7 أمتار، ويزن 22 طنًا. يعود هذا الديناصور، الذي تم العثور عليه في سبعينيات القرن الماضي، إلى الفترة الجيوراسية قبل 160 مليون سنة.

إلى جانب ذلك، يعرض المتحف مستحثات نادرة مثل الموزاسوروس، وهو نوع من الكائنات البحرية يعود إلى ما قبل 65 مليون سنة. كما يحتوي المتحف على هياكل لأسماك بحرية نادرة مثل كليوزور، التي تعود إلى ما قبل 89 مليون سنة، والتي تم العثور عليها في منطقة كلميمة.

علاوة على ذلك، يقدم المتحف معروضات لكائنات منقرضة عاشت في المنطقة منذ نصف مليار سنة، مثل نجوم البحر وثلاثية الفصوص، إلى جانب كائنات أحادية الخلايا مثل ستروماتو، التي وفرت الأكسجين قبل ظهور الأشجار على الأرض.

 

4) السياحة البيئية والتنمية المستدامة:

يلعب جيوبارك مكون دورًا رئيسيًا في تعزيز السياحة البيئية بالمنطقة. يوفر المنتزه مسارات مخصصة للمشي والتسلق تُتيح للزوار فرصة الاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة، مثل وادي الورود والمواقع الأثرية. كما أن الحديقة تُسهم في تنمية المجتمعات المحلية من خلال خلق فرص عمل جديدة عبر السياحة البيئية، مثل إنشاء مشروعات صغيرة تخدم الزوار، مما يُساعد في تحسين المستوى الاقتصادي للسكان المحليين.

5 ) التعليم والبحث العلمي:

تُعتبر الحديقة مختبرًا طبيعيًا مفتوحًا يُتيح الفرصة للباحثين والطلاب لدراسة التنوع البيولوجي والجيولوجي في بيئة طبيعية غنية. تُنظم إدارة الحديقة برامج تعليمية وورش عمل توعوية لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الطبيعي. كما تشجع هذه الأنشطة على دمج المجتمعات المحلية في عملية الحماية، مما يعزز استدامة الحديقة.

6) اكتشافات علمية مذهلة من أعماق سواحل المغرب:

تواصل سواحل المغرب كشف أسرارها العلمية، حيث يبرز التنوع البيولوجي القديم في نتائج دراسات حديثة تبرز تاريخ الكائنات الحية التي عاشت في تلك المنطقة. فقد كشف العلماء عن حفرية فريدة من نوعها لنوع من السحليات البحرية يُسمى "خنجاريا أكوتا" قبالة سواحل المغرب. ووفقًا لدراسة نشرت في مجلة "أبحاث العصر الطباشيري"، عاشت هذه السحلية البحرية قبل 66 مليون سنة جنبًا إلى جنب مع الديناصورات مثل التيرانوصور ريكس.

1)   خنجاريا أكوتا، مخلوق بحري غريب:

 

خنجاريا أكوتا الذي اكتشف في السواحل المغربية

خنجاريا أكوتا


تمت تسمية هذا النوع نسبة إلى شكل أسنانه الحادة التي تشبه الخناجر. وأوضح الدكتور نيك لونجريتش من جامعة باث، الذي قاد الدراسة، أن هذا المخلوق كان يمتلك "وجهًا بشعًا وأسنانًا ضخمة"، مما يجعله واحدًا من أبرز الحيوانات المفترسة في المحيط الأطلسي آنذاك. كما تنتمي خنجاريا أكوتا إلى عائلة "الموناصورات"، وهي سحالي بحرية عملاقة ترتبط بالأناكوندا الحالية وتنانين كومودو.

2)   اكتشاف ديناصورات جديدة في المغرب:

في سياق متصل، تمكن علماء حفريات مغاربة وأجانب من اكتشاف نوعين جديدين من الديناصورات في جماعة أولاد عبدون بخريبكة. تتكون البقايا المكتشفة من عظام الأطراف الخلفية لديناصورين مفترسين بأحجام مختلفة، حيث تم العثور على بقايا ديناصور صغير بطول 2.5 متر وديناصور متوسط بطول 5 أمتار.

هذه الاكتشافات تأتي ضمن سلسلة من الدراسات التي تعتمد على رواسب الفوسفاط في المغرب، والتي تُعتبر سجلًا تاريخيًا يوثق للمرحلة الانتقالية بين عصر الزواحف وعصر الثدييات. الديناصورات الجديدة تنتمي إلى عائلة "الأبليسوريد"، وهي ديناصورات مفترسة كانت تسيطر على النظم البيئية في القارات الجنوبية، بينما كانت التيرانوصورات تهيمن في أمريكا الشمالية وآسيا.

3)   بصمات الديناصورات في إملشيل:

إضافة إلى ذلك، اكتشف فريق بحثي مغربي وأجنبي آثار أقدام ضخمة لديناصور لاحم عاش في منطقة إملشيل. يبلغ طول البصمات المكتشفة حوالي 80 سم، وهي تتوافق مع ديناصورات ضخمة من نوع التيروبود، التي يُقدَّر طولها بما لا يقل عن 10 أمتار. ووفقًا للباحث محمد بوتكيوط، فإن كثرة اكتشاف آثار الديناصورات في المغرب تُظهر أن المنطقة كانت بيئة مثالية لهذه الكائنات، بفضل الغابات الواسعة والأنهار والمناخ الملائم.

7) آفاق البحث العلمي:

يوفر المغرب فرصًا فريدة لدراسة التطور البيولوجي على مر العصور الجيولوجية، بدءًا من الحياة أحادية الخلية وصولًا إلى الكائنات الضخمة مثل الديناصورات. ولا يزال هناك العديد من المواقع غير المستكشفة التي تعد بالكثير من الاكتشافات المستقبلية. وبفضل هذا التراث الجيولوجي الغني، يمكن أن يُصبح المغرب مركزًا عالميًا لأبحاث الحفريات وإبراز دوره كمصدر رئيسي لفهم تاريخ الحياة على كوكب الأرض.

 

الخاتمة

تمثل حديقة جيوبارك مكون نموذجًا فريدًا للجمع بين الحفاظ على التراث الطبيعي والثقافي وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. من خلال برامجها التعليمية والسياحية، تُسهم الحديقة في خلق وعي عالمي بأهمية الحفاظ على البيئة ودعم المجتمعات المحلية. تُعد زيارة جيوبارك مكون فرصة لاستكشاف جمال الطبيعة وعراقة التاريخ والثقافة المغربية، مما يجعلها واحدة من أهم الوجهات السياحية والعلمية في إفريقيا والعالم العربي.

 

روابط للإستفادة أكثر:

برنامج القناة الأولى المغربية "درر متاحف المملكة"



تعليقات